مراحل تكوين تقدير الذات

8:52 م

مراحل تكون تقدير الذات:.


 يبدأ تقدير الذات عند الفرد منذ الطفولة المبكرة مع ظهور مفهوم الذات لديه وبداية الوعي بها، ويأخذ بناء تقدير الذات شكل سيرورة متصلة تأثر فيها مجموعة من العوامل عبر مراحل عمرية مختلفة تبدأ بالطفولة وتمر بالمراهقة وصولا إلى سن الرشد. إذن ما هو تقدير الذات عند هذه الفئات العمرية
  1- تقدير الذات عند الطفل:
يبدأ تقدير الذات عند الطفل مع بداية ظهور مفهوم الذات ،الذي هو المكون الأساسي لتقدير الذات كما سبق وأرينا. ويبدأ تقريبا في حدود السنة الثامنة حيث يبدأ الطفل في تكوين تمثيلات سيكولوجية عامة حول نفسه، هنا يصبح الطفل قادرا على تعريف نفسه من خلال مختلف المميزات ووصف حالته الانفعالية حيث يشكل النظر لهذا الفرد ـ الطفل ـ الذي أصبح شيئا فشيئا يعي به، أساس تقديره لذاته في المستقبل
هناك ملاحظات وأبحاث حول تقدير الذات المبكر والذي يتموضع قبل الثمان سنوات إلا أنها صعبة التقييم العلمي، كما أن الوالدين يلعبان دورا مهما جدا في بناء تقدير الذات عند الطفل وذلك كما يلي:
ـ يحاول الطفل إرضاء أمه وأبيه بإصدار بعض الأفعال المثيرة للانتباه ويلاحظ ردود أفعالهما، حيث كلما كانت هذه الردود إيجابية(فرح ، كلمات شكر، تقدير، تشجيع...) كلما أعاد الطفل نفس التصرف فهو يفخر بسلوكه وبالتالي دعم وتقوية تقديره لذاته الذي يلعب الوالدين دورا أساسيا فيه.
ـ يحاول الطفل النجاح في مجموعة من التصرفات والسلوكيات، والتي تختلف حسب الأهمية، فالنجاح داخل المنزل يختلف عن النجاح خارج المنزل ، كما أن الانتصار في ألعاب تنافسية يكون له وقع خاص عند الطفل وفي تقديره لذاته.
ـ يحاول الطفل في سن الثالثة أو الرابعة احتلال مكانة اجتماعية خاصة داخل محيطه الأسري ومع أقرانه ولهذه المكانة صلة وثيقة بتقدير الطفل لذاته.
ـ يحاول الطفل التباهي أمام الآخر وتبدأ هذه العملية في سن مبكرة وذلك في سن السادسة والثامنة ، وذلك بمقارنة الآباء (أنا أمي جميلة ،أبي طيب،...) كما أنه يبدأ بإنساب نفسه لأحد المشاهير، وذلك بين سن الثامنة والثانية عشر، وهذا التصرف قد يؤدي إلى مجموعة من الاضطرابات النفسية كالخجل وهوس الكذب وغيرها من الاضطرابات.

وقد أوضح "بوني ستريكلان" Stricland ، أن تقدير الذات يتأثر لدى الطفل باتجاهات والديه، حيث أن سلوك الوالدين المشجع والمدعم المتضمن الاتجاهات الإيجابية هي عوامل حيوية مؤثرة في تطور تقدير الذات في الطفولة المبكرة. ولاحقا تأتي خبرات الطفل خارج المنزل في المدرسة ومع الأقران لتكون أكثر أهمية في تحديد تقديره لذاته، حيث أن المدرسة تنمي تقدير الذات لدى الطفل بالمسابقات وتشجيع المواهب، أما تقبل جماعة الأقران للطفل فيلعب دورا هاما في نمو تقديره لذاته
يمكن القول أن تقدير الذات يمثل نتاجا اجتماعيا يتشكل ويتبلور منذ الطفولة من خلال محددات معينة، يكتسب الفرد من خلالها بصورة تدريجية فكرته عن نفسه وتقديره لها.



2- تقدير الذات عند المراهق:

 عندما يصل الطفل إلى مرحلة المراهقة تتدخل عوامل أخرى في تقديره لذاته وتشمل التغيرات الفيزيولوجية والعاطفية كما تتدخل علاقته مع الجنس الآخر في الإحساس بالأمان والثقة بالذات
رغم هذا، يبقى المراهق جد مرتبط من الناحية الانفعالية بالوالدين، وتقديره لذاته في هذه المرحلة يكون نابعا من الصورة التي يعكسها الوالدين اتجاهه، وتشكل الانتقادات الموجهة إلى المراهق من طرف الوالدين تهديدا مباشرا لتقديره لذاته الشيء الذي قد يؤدي في بعض الأحيان إلى الانتحار.
أظهرت مجموعة من الأبحاث أن تقدير الذات عند المراهقين الذكور يكون مرتفعا نسبة إلى المراهقات الإناث، وذلك بين سن 14 و23 سنة، ودراسات أخرى تظهر أنه ابتداءا من سن معينة ـ حوالي 8 سنوات ـ أن تقدير الذات للإناث ينهار مقارنة بالذكور الذين يبقى تقديرهم لدواتهم ثابتا، حيث لا يفسر هذا الانخفاض بالتغيرات الجسمية التي تطرأ على المراهق وإنما بنظرة هؤلاء لأنفسهم، وتكون هذه النظرة مرتبطة بشكل كبير بضغوطات المحيط الاجتماعي.
عموما يصبح تقدير الذات حاجة ضرورية وملحة عند المراهق، خصوصا مع التغيرات الفيزيولوجية المستمرة ، وما يرافقها من تغيرات سلوكية وانفعالية ويظهر ذلك في علاقته مع المرأة، حيث يلاحظ المراهق والمراهقة التغيرات الجسدية والفيزيولوجية حيث يصبح الوجه المنطقة التي تخضع للمراقبة، أما في علاقته مع الآخر فهي تتمثل في بداية الحياة العاطفية للمراهق بحيث يبحث كل طرف عن استمالة الطرف الآخر وكسب حبه وتقديره، إما باللباس وتغيير المظهر الخارجي أو بالأفعال والأداء الجيد.


3- تقدير الذات عند الراشد:

 إن تقدير الذات عند الراشد ليس حالة مستقلة وليدة المرحلة ، ولكن هو ناتج بناء مستمر تبدأ منذ الطفولة المبكرة، ففي كثير من الحالات ولفهم تقدير الذات عند الراشد لابد من الغوص في الطفولة التي أحدثته، إلا أنه بالنسبة للراشد فرغم البداية المتعثرة لتقدير الذات في الطفولة فهو ينجح في بناء تقدير ذات أكثر صلابة مما يجعله أكثر مقاومة للصعاب
إن تقدير الذات هو نتاج لتلك الصورة التي يكونها الفرد عن ذاته وذلك من خلال العلاقة التي يرتبط بها الفرد بالمجتمع الذي يعيش فيه، حيث يكتسب الفرد من خلال تفاعلاته مع الجماعة، الكثير من الخبرات المتنوعة والمتعددة التي يكتسبها منذ الطفولة، وفي نمو علاقته مع الجماعة ومن خلال نمط التفاعل والإحتكاك يبدأ الفرد في تكوين صورة عن ذاته، وباكتمال هذه الصورة يكون مستوى تقدير الفرد لذاته من حيث مدى ارتفاع أو انخفاض هذا التقدير
وقد أشار "كوبر سميت" إلى أربع عناصر تلعب دورا في نمو تقدير الذات عند الفرد ـ الراشد ـ وهي:
1 ـ مقدار الاحترام والتقبل والمعاملة التي تتسم بالاهتمام التي يحصل عليها الفرد من قبل الآخرين المهمين في حياته.
2 ـ تاريخ نجاح الفرد والمناصب التي تمثلها في العالم (يقاس النجاح بالناحية المادية ومؤشرات التقبل الاجتماعي).
3 ـ مدى تحقيق طموحات الفرد في الجوانب التي يعتبرها هامة. مع العلم أن النجاح والنفوذ لا يدرك مباشرة ولكنه يدرك من خلال مصفاة في ضوء الأهداف الخاصة والقيم الشخصية.
4 ـ كيفية تفاعل الفرد مع المواقف التي يتعرض فيها للتقليل من قيمته. فبعض الأشخاص قد يخففون ويحورون ويكبتون تماما أي تصرفات تشير إلى التقليل من قيمتهم من قبل الآخرين أو نتيجة فشلهم السابق، حيث تخفف القدرة على الدفاع عن تقدير الذات من شعور الفرد بالقلق، وتساعده على الحفاظ على توازنه الشخصي

0 التعليقات